بسم الله الرحمن الرحيم
ماذا بعد الوباء ؟
العقوبات الربانية .. والآيات المُرسَلة
(ج ١ / الخسف)
ماحدث للأمم الغابرة من آيات وعقوبات ربانية بسبب ذنوبهم، ما هي الا نماذج حدثنا عنها القرآن لنعتبر . فهي انذارات مختلفة ومتتالية يخوف الله بها عباده لكي يرجعوا الى الحق، وهي سنن ربانية لا تحابي أحد من البشر ولا تجامله.
قال تعالى:
(وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا 59) الاسراء
قَالَ قَتَادَةُ: إِنَّ اللَّهَ خَوَّفَ النَّاسَ بِمَا يَشَاءُ مِنْ آيَاتِهِ لَعَلَّهُمْ يَعْتَبِرُونَ وَيَذَّكَّرُونَ وَيَرْجِعُونَ، ذُكر لَنَا أَنَّ الْكُوفَةَ رُجِفَتْ عَلَى عَهْدِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنْ رَبَّكُمْ يَسْتَعْتِبُكُمْ فَأَعْتِبُوهُ.
وَهَكَذَا رُوي أَنَّ الْمَدِينَةَ زُلزلت عَلَى عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مَرَّاتٍ، فَقَالَ عُمَرُ: أَحْدَثْتُمْ، وَاللَّهِ لَئِنْ عَادَتْ لَأَفْعَلَنَّ وَلَأَفْعَلَنَّ. وفي رواية قال: يا أيها الناس ما أسرع ما أحدثتم لإن عادت لأخرجن من بين ظهرانيكم .
وَكَذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ: "إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، وَإِنَّهُمَا لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنَّ اللَّهَ، عَزَّ وَجَلَّ، يُرْسِلُهُمَا يُخَوِّفُ بِهِمَا عِبَادَهُ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَافْزَعُوا إِلَى ذِكْرِهِ وَدُعَائِهِ وَاسْتِغْفَارِهِ". ثُمَّ قَالَ:
" يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، وَاللَّهِ مَا أَحَدٌ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ أَنْ يَزْنِيَ عَبْدَهُ أَوْ تَزْنِيَ أَمَتَهُ، يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ، لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا".
وقال تعالى:
(هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ (12) وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ 13) الرعد
هكذا يخوف الله تعالى عباده، ومن أصناف العقوبات الربانية:
قال تعالى:
(فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ ۖ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ 40) العنكبوت .
الحاصب، الصيحة، الخسف، الغرق ... ومن أصناف الآيات والجنود الربانية: قال تعالى:
(فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُّجْرِمِينَ 133) الاعراف.
....
وسنتحدث اليوم ان شاء الله عن أحد هذه العقوبات وهي الخسف .
قال تعالى:
﴿ أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ . النحل .
وقال تعالى:
(أَفَأَمِنتُمْ أَن يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا 68) الاسراء .
وقال تعالى:
(أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ 16). الملك.
وقد رأينا في السنوات الماضية ما مرت به الأمة والعالم من فتن وتسلط العدو.. وما وقع من آيات
كالفيضانات والقحط، والجوع والحصار، والريح والزلازل، والجراد والحشرات، وحرائق الغابات وعودة بعض البراكين للنشاط، وليس آخرها هذا الوباء المسمى كورونا الذي انتشر فجأة .
فماذا بعد ذلك؟ وما هو القادم؟ وهل تتوالى الآيات خلف بعضها؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
إذا اتخذ الفيء دولا (وذكر أمورا سنذكرها بعد قليل) ثم قال: فليرتقبوا عند ذلك :
ريحا حمراء وزلزلة وخسفا ومسخا وقذفا ((الشاهد من الحديث)) قال :
وآيات تتابع كنظام بال قطع سلكه فتتابع .
رواه الترمذي وقال: وفي الباب عن علي وهذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
وعند الامام أحمد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(الآيات خرزات منظومات في سلك فإن يقطع السلك يتبع بعضها بعضا).
اذاً هي آيات متتابعة، رأينا ما رأينا منها في السنوات الماضية .. ولابد سيأتي بقيتها .. نسأل الله السلامة والعافية.
قال صلى الله عليه وسلم:
(...وقد أوحي إلي أني غير لابث فيكم إلا قليلا ثم تلبثون حتى تقولوا متى متى ثم تأتوني أفنادا يفني بعضكم بعضا بين يدي الساعة موتان شديد وبعده سنوات الزلازل). رواه احمد والدارمي.
وأخرج أحمد، وابن ماجه والحاكم وصححه عن عبد الله بن عمرو قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يكون في أمتي خسف وقذف ومسخ .
السؤال الأول: متى تستحق الأمة عقاب الخسف ؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
إذا فعلت أمتي خمس عشرة خصلة حل بها البلاء. فقيل: وما هن يا رسول الله؟ قال: إذا كان المغنم دولا والأمانة مغنما والزكاة مغرما وأطاع الرجل زوجته وعق أمه وبر صديقه وجفا أباه وارتفعت الأصوات في المساجد وكان زعيم القوم أرذلهم وأكرم الرجل مخافة شره وشربت الخمور ولبس الحرير واتخذت القينات والمعازف ولعن آخر هذه الأمة أولها فليرتقبوا عند ذلك: ريحا حمراء أو خسفا ومسخا .
رواه الترمذي وقال هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث علي بن أبي طالب إلا من هذا الوجه.
وقال صلى الله عليه وسلم:
في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف. فقال رجل من المسلمين يا رسول الله: ومتى ذاك ؟
قال: إذا ظهرت القينات والمعازف وشربت الخمور .
رواه الترمذي وقال وقد روي هذا الحديث عن الأعمش عن عبد الرحمن بن سابط عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل وهذا حديث غريب.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها يعزف على رءوسهم بالمعازف والمغنيات يخسف الله بهم الأرض ويجعل منهم القردة والخنازير. رواه ابن ماجة.
اذن.. الخمر والمعازف والقينات وخبث وفساد .. وكل هذا قد ظهر .. فهل سنشهد الخسف في قابل الزمان؟
حتى ولو كان في الأمة صالحين ؟
قال صلى الله عليه وسلم:
يكون في آخر هذه الأمة خسف ومسخ وقذف، قالت: قلت: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا ظهر الخبث. الترمذي .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها, يعزف على رؤوسهم بالمعازف يخسف الله بهم الأرض ويجعل منهم القردة والخنازير. رواه ابن ماجة والبيهقي.
....
السؤال الثاني عن تدرج الخسف:
قد يقع الخسف في بلد أو قارة بأكملها ، وقد يقع في القبيلة الواحدة، وقد يقع في دار واحدة، وقد يقع لشخص واحد ..
فعن عبد الرحمن بن صحار العبدي عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
لا تقوم الساعة حتى يخسف بقبائل فيقال من بقي من بني فلان .
قال فعرفت حين قال قبائل أنها العرب لأن العجم تنسب إلى قراها. رواه احمد .
وأخرج الحاكم وصححه عن واثلة بن الأسقع سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا تقوم الساعة حتى يكون عشر آيات، خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف في جزيرة العرب... .
وأخرج أحمد، والبغوي، وابن قانع والطبراني وابن أبي الدنيا في ذم الملاهي والحاكم وصححه عن عبد الرحمن بن صحار العبدي، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقوم الساعة حتى يخسف بقبائل من العرب فيقال : من بقي من بني فلان؟
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمرو قال : ليخسفن بالدار إلى جنب الدار، وبالدار إلى جنب الدار حيث تكون المظالم .
وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي عن فرقد السبخي قال : قرأت في التوراة التي جاء بها جبريل إلى موسى عليه السلام : ليكونن مسخ وقذف وخسف في أمة محمد في أهل القبلة، قيل : يا أبا يعقوب : ما أعمالهم؟ قال : باتخاذهم القينات وضربهم بالدفوف ولباسهم الحرير والذهب، ولئن بقيت حتى ترى أعمالا ثلاثة فاستيقن واستعد واحذر، قيل : ما هي؟ قال : تكافأ الرجال بالرجال والنساء بالنساء ورغبت العرب في آنية العجم فعند ذلك، ثم قال : والله ليقذفن رجال من السماء بالحجارة يشدخون بها في طرقهم وقبائلهم كما فعل بقوم لوط وليمسخن آخرون قردة وخنازير كما فعل ببني إسرائيل وليخسفن بقوم كما خسف بقارون .
وأخرج ابن أبي الدنيا عن ابن غنم قال : سيكون حيان متجاوران فيشق بينهما نهر فيسقيان منه قبسهم واحد يقتبس بعضهم من بعض فيصبحان يوما من الأيام قد خسف بأحدهما والآخر حي .
..............
الآيات بدأت تتتابع وتظهر في الأمة وفي العالم عموما .. وليس من التنبؤ إن قلت هل سنشهد في قادم الأيام والأسابيع والأشهر هذه الخسوفات .. لأننا قد شاهدناها فعلا .. ولكن هل ستكثر بحيث تصبح ظاهرة عالمية .. فتُجلس الناس في بيوتهم كما فعل كورونا ؟؟؟ خاصة وأن المسببات في ازدياد .. ولم يكن لكورونا نتائج رادعة رغم ما تسببه في العالم.
والله اعلم
....
انتظروا الجزء القادم ان شاء الله عن المسخ .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق